لا حوار فلسطيني ـ فلسطيني قبل انتهاء ولاية كل من الرئيس الأمريكي جورج بوش، ورئيس وزراء إسرائيل ايهود اولمرت، وربما كذلك الرئيس الفلسطيني محمود عباس. ومصر التي فاوضت الإسرائيليين نيابة عن حركة حماس تعمل في ذات الوقت على إطاحة ادارة حركة المقاومة الاسلامية لقطاع غزة، وذلك من خلال العمل على تأجيل بدء الحوار الفلسطيني ـ الفلسطيني، واتمام صفقة تبادل الجندي الإسرائيلي الأسير جلعاد شاليط مع أسرى فلسطينيين لدى إسرائيل..! هكذا يبدو المشهد الفلسطيني: يزداد تعقيدا، سواء ما يتعلق منه بالحاضر، أو بالمستقبل..خاصة لجهة تقاطعاته مع مواقف ورؤى ومصالح عدد من الأطراف العربية، مصر في المقدمة منها..! بهذه الخلاصة تخرج من حوار معمق مع الدكتور موسى أبو مرزوق نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، الرجل الذي يضع النقاط فوق الحروف بطريقته الخاصة، التي يتعمد فيها ألا يجرح أحدا، مع عدم اخفاء شيء ذي بال من الحقائق.
ويكتسب الحوار مع أبو مرزوق في التوقيت الراهن أهمية استثنائية إلى جانب ما سبق، كونه هو الرجل الذي قاد مفاوضات التهدئة مع الإسرائيليين من خلال عمر سليمان وزير المخابرات المصرية، وبالتالي هو الأكثر اطلالة على مداخلها ومخارجها، واطلالاتها.
كيف تكون مصر هي التي رعت المفاوضات غير المباشرة بين حماس وإسرائيل، وتعمل في ذات الوقت على تعطيل الحوار الفلسطيني ـ الفلسطيني، واتمام صفقة تبادل الأسرى مع إسرائيل..؟ أبو مرزوق يقول ابتداء ان زيارته الأخيرة للقاهرة لم تكن لها نتائج ملموسة على الأرض، بعكس الزيارات التي سبقتها، اذ لم تكن هناك نتائج ملموسة للزيارة، سواء فيما يتعلق بفتح معبر رفح، أو الزام الإسرائيليين بالرؤية المصرية التي تم اقتراحها في اتفاق التهدئة، أو بأي من الملفات التي فتحت.
رؤية حماس للحوار الوطني
وبشكل أكثر تحديدا يقول أبو مرزوق، بخلاف ما يروج عبر وسائل الاعلام عن وجود دعوة مصرية لحوار فلسطيني ـ فلسطيني قريب في القاهرة 'ليست هناك دعوة للحوار. هناك رؤية مصرية ترى أن الحوار الوطني الفلسطيني لم يحن وقته المناسب بعد. وأن مختلف الأطراف لم ينضج موقفها للدخول في الحوار'. ومعنى ذلك فلحركة حماس رؤيتها للحوار المطلوب، وهي تتمثل في ثماني نقاط، وليست تسع، وهي:
1- وحدة النظام السياسي الفلسطيني في الضفة والقطاع: احترام الشرعية الفلسطينية بكل مكوناتها. 2- احترام القانون الأساسي الفلسطيني والالتزام به. 3- اعادة بناء الأجهزة الأمنية الفلسطينية على أسس وطنية ومهنية، بعيداً عن التدخلات والمحاصصة الفصائلية. 4- وحدة الضفة والقطاع. 5- اعادة بناء وتفعيل منظمة التحرير الفلسطينية على قاعدة الانتخابات الحرة، وبمشاركة جميع القوى والفصائل والشخصيات المستقلة والأطياف السياسية الفلسطينية في الداخل والخارج. 6- التمسك بحق شعبنا في مقاومة الاحتلال. 7- احترام الخيار الديمقراطي وقواعد اللعبة الديمقراطية والالتزام بنتائجها. 8- الالتزام باتفاق مكة عام 2007، واتفاق القاهرة عام 2005، ووثيقة الوفاق الوطني المتفق عليها بين الفصائل الفلسطينية عام 2006. صياغة التهدئة مصرية وفيما تؤكد مصادر فلسطينية أن حماس هي التي صاغت تفاصيل مشروع اتفاق التهدئة، وأن الدكتور محمود الزهار اتفق عليه مع المصريين، ثم عرض نصه على المكتب السياسي للحركة في دمشق ضاغطا لقبوله، يؤكد أبو مرزوق عدم صحة ذلك، ويقول 'مشروع التهدئة هو مشروع مصري. بدأت مصر عرضه والتحدث فيه منذ زمن طويل، لكنه فعّل في الفترة الأخيرة، خاصة بعد معركة جباليا في مارس الماضي، والوصول إلى قناعة أمريكية وإسرائيلية إلى حد ما بأن اجتياح قطاع غزة غير وارد لأسباب عملية على الأرض، وبالتالي وضع هذا الأمر في الحساب، وذلك إلى جانب عدم قدرة إسرائيل على ايقاف الصواريخ الفلسطينية، ووصول بعضها إلى سديروت، وتجاوز بعضها الآخر سديروت إلى عسقلان، وذلك إلى جانب أسباب أخرى متعلقة بالوضع الاقليمي والداخلي الإسرائيلي. ولذا تم تنشيط المقترح المصري أكثر من السابق، وأصبح عمليا أكثر. ويشرح أبو مرزوق تفاصيل وجهتي النظر الحمساوية والإسرائيلية المتعارضتين التي نجحت مصر في التوفيق بينهما، قائلا ان 'وجهة نظر حماس في مسألة التهدئة كانت وقف اشكال العدوان كافة، وفتح المعابر، بما في ذلك معبر رفح، وشمول التهدئة للضفة الغربية. أما العدو الصهيوني فكانت وجهة نظره هي أن التهدئة تستلزم وقفا كاملا لأشكال العمل العسكري، بما في ذلك تهريب السلاح لقطاع غزة، وتصنيعه وتطويره داخل القطاع، وعدم شمول الضفة الغربية بالتهدئة، وعدم فتح معبر فح، وربط التهدئة بالجندي الأسير جلعاد شاليط'. ويؤكد 'نحن في الحركة، رفضنا التعهد بعدم تطوير السلاح الفلسطيني، وكذلك تم رفض التعهد بالزام الفصائل بالتهدئة بالقوة، وتحمل حماس كامل المسؤولية عن ذلك. كان لدينا اشتراطان اساسيان هما: الأول: أن تكون التهدئة من خلال توافق وطني، وبالتالي لا بد من موافقة الكل الوطني عليها، والا فاننا لن نقبل بها. الثاني: أن تتحمل مصر مسؤولية مباشرة في رعاية التهدئة، وأعتقد أنه في النهاية، ومن خلال الحوارات المتعددة، خلصت الرؤية المصرية بعد أن تم التقاء المسؤولين المصريين مع جميع الفصائل الفلسطينية إلى شكل محدد للتهدئة، يتضمن وقف أشكال العدوان الإسرائيلي كافة، وفتح المعابر على مرحلتين..الأولى تنص على زيادة حجم ما يدخل لقطاع غزة من سلع وبضائع عبر المعابر بنسبة 30 بالمئة، على أن تعود الأوضاع بعد 72 ساعة الى ما كانت عليه قبل فرض الحصار على القطاع'. معبر رفح ويبدي أبو مرزوق 'كانت هناك قناعة لدى إسرائيل بأن حماس لن تتمكن من الزام الفصائل الأخرى بالتهدئة، وبالتالي لن تكون هناك تهدئة. وقد تم سحب الشرطين المتعلقين بتحريم ادخال اسلحة لقطاع غزة، وتطويرها. واتفق على أن تشمل التهدئة الضفة الغربية بعد ستة أشهر، بعد أن كانت تصر على عدم شمول الضفة بالتهدئة'. الموقف من فتح معبر رفح وجد تناغما مصريا إسرائيليا، كما يفهم من رواية أبو مرزوق، التي يقول فيها 'أصر المصريون على عدم علاقة معبر رفح باتفاق التهدئة أو بقية المعابر، وأنه مرتبط باتفاقية 2005 بين محمد دحلان والعدو الصهيوني على الرغم من أن هذا الاتفاق لم يكن للمصريين أو الأوروبيين أية علاقة به، فضلا عن أن هذا الاتفاق لا يحمل توقيع أحد لا فلسطيني ولا إسرائيلي..!'. ويصف الاتفاق بقوله 'هو اتفاق أعاد الإسرائيليين الى وضع يخنقون معه قطاع غزة بعد انسحابهم منه..! هو مشكلة وليس اتفاقا، وللأسف بدأت تضع الأطراف الأخرى فلسفة جديدة للتعامل مع هذا الواقع الجديد.. فالمصريون ينظرون لهذا الاتفاق على أساس أنه اتفاق دولي لا يستطيعون تجاوزه، على الرغم من انتهاء مدته، ومن أنه ليس اتفاقا دوليا، ولا ثنائيا، علما أن الاتفاقات الدولية العامة هي مقدمة في التطبيق القانوني على الاتفاقات الثنائية، كاتفاقية معبر رفح..ذلك أن القانون الانساني الدولي يمنع محاصرة شعب بأكمله من خلال اتفاق ثنائي، ويلزم مصر بفتح معبر رفح. لكن القضية ليست قضية قانونية، وانما سياسية. وحين نلفت نظره الى أنه سبق للمصريين الاعلان أنه في حالة عدم موافقة الإسرائيليين على فتح معبر رفح، فانهم سيفتحوه من جانبهم، قال 'قدم الاخوة المصريون رؤيتهم للتهدئة، وألزموا انفسهم بالتحرك مع جميع الأطراف بعد اسبوع من أجل التفاهم على فتح معبر رفح. ونحن اليوم أمام معضلة عدم فتح المعبر من جانب واحد لأنه مستحيل أن يفعلوا ذلك. واستحاله التوصل الى اتفاقية بين الأطراف لفتح معبر رفح في الظروف الراهنة. حين يشترط المصريون توافق خمسة أطراف على فتح معبر رفح، ولكل طرف متطلباته ومصالحه وأجندته التي يريد أن يستخدم معبر رفح أداة ضغط من أجل تحقيقها. فمعبر رفح هوالورقة التي تستخدمها سلطة رام الله من أجل العودة للقطاع. انهم يريدون العودة الى قطاع غزة كسلطة عن طريق معبر رفح. والعدو الصهيوني من جهته يرى أن فتح المعبر مرتبط باطلاق سراح اسيره جلعاد شاليط. ولا يمكن فتح المعبر دون اطلاق سراحه'. ويؤكد أبو مرزوق 'الجميع استخدم معبر رفح كورقة ضغط. الأوروبيون يريدون أن يأتوا بقوات مراقبة دولية لحماية وجودهم في المعبر، في حين أن حماس من ناحية الأمر الواقع هي الموجودة في المعبر من طرف، ومصر من الطرف الآخر'. ويحدد أبو مرزوق وجهة نظر حماس من قضية معبر رفح في كونه 'يخدم مليون ونصف المليون فلسطيني، وهو شيء اساسي بالنسبة لهم. ولذلك وافقنا على وجود حرس الرئيس عباس في المعبر، ووجود الأوروبيين..وافقنا على كل المتطلبات التي كان المصريون يتحدثون عنها، لكن يظهر أنهم لا يريدون فتح المعبر'. تنازلات متبادلة ويقر أبو مرزوق وجهة النظر التي ترى أن المصريين، وبقية الأطراف المعنية، يعملون على تعطيل فتح المعبر لأنهم 'يظنون أن اغلاق المعبر سيعمل على انهاء ادارة حماس لقطاع غزة، أو يساهم في تقصير عمر ادارة حماس في القطاع، في أحسن الأحوال'. ويؤكد 'هم واهمون، وأعتقد أنه بعد سنة كاملة من فرض الحصار واغلاق المعبر يفترض أن يكونوا وصلوا الى قناعة بأن انهاء سيطرة حماس بهذه الطريقة أمر مستحيل..وأن حماس من خلال مسيرتها الطويلة يفترض أن يكونوا علموا عدم قابليتها للانضغاط بشكل واضح، خاصة وأنها صمدت في كل الظروف..سواء بعد الانتخابات التشريعية، أو بعد ما جرى في 13 يونيو 2006. صمدت حماس أمام ظروف وضغوط هائلة من قبل أمريكا وإسرائيل وسلطة رام الله في حالات كثيرة ، ودول عربية في حالات أخرى..فضلا عن الأوروبيين. كل هذه الضغوط واجهتها حماس ولم يثر الناس في وجهها، بالعكس فان جماهيرية حماس في ازدياد يوما بعد آخر. عكس ما يتمنون'. لكنه يقر أنه في النهاية 'وافقت حماس على الرؤية المصرية في موضوع التهدئة، وتنازلت عن بعض مطالبها'..ملاحظا أنه 'في الأساس التهدئة هي أمر اضطراري في ضوء وصول الشعب الفلسطيني في القطاع الى حالة ليست جيدة. لذا، وافقنا على البدء بالتهدئة وعدم شمولها فتح معبر رفح، والتفاوض حوله لاحقا. وهذه نقطة أخذت من حساباتنا، وكذلك عدم اشتمالها على الضفة الغربية'. وماذا عن الإسرائيليين..؟ يقول أبو مرزوق هم أيضا 'تنازلوا عن شرط ربط بدء التهدئة باطلاق سراح شاليط، كما تنازلوا عن شرطي وقف تهريب وتطوير السلاح'. ويخلص الى أنه 'بلا شك أن أيا من الطرفين لم يحقق كامل ارادته'. ثلاثة مكاسب حمساوية لكن أبو مرزوق يلفت مع ذلك الى أن حماس حققت ثلاثة مكاسب من التهدئة يعددها كما يلي: الأول: أنها التهدئة الأولى التي تبرم بين فصائل فلسطينية مقاومة والكيان الصهيوني منذ سنة 1948 حتى الآن. التهدئات السابقة كانت تتم فقط من طرف واحد هو الطرف الفلسطيني، دون أن يقابلها التزام إسرائيلي. الثاني: أنها المرة الأولى التي يقبل العدو الصهيوني فيها أن تدار اتفاقات بطريقة غير مباشرة مع حركة حماس بعد تثبيت ادارة حماس في قطاع غزة، وهذا يمثل اعترافا بـ حماس، وواقع الحال في قطاع غزة. الثالث: أنها المرة الأولى التي تذكر فيها عمليات المقاومة لحركة حماس باعتبارها عمليات عسكرية وليست عمليات ارهابية، كما كانوا يصرون من قبل. لقد نصت اتفاقية التهدئة على وقف كامل للعمليات العسكرية من الطرفين. وعلى ذلك، فان عمليات حماس وفقا للاعتراف الإسرائيلي هي عمليات عسكرية وليست عمليات ارهابية..! الى ذلك، يقول أبو مرزوق 'لقد بيّنا لشعبنا حرصنا على مصالحه، وقدمنا ارادة الشعب الفلسطيني، حيث أننا وجدنا أن غالبية الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة مع التهدئة بالصيغة التي طرحت، وعلى ذلك وافقنا عليها، كما أن سياستنا لاتزال قائمة على اعتماد التهدئة من خلال توافق وطني، ولم نستخدم العصا كما يشاع'.. لم نسجن معارضي التهدئة وينفي أبو مرزوق بشدة أن تكون حماس لجأت الى سجن معارضي أو خارقي التهدئة.. وحين نقول له انه تم استدعاء مقاتلين من حركة الجهاد الاسلامي على خلفية اطلاقهم صواريخ على أهداف إسرائيلية، يقول 'لا..لا..لا.. هذا كلام غير دقيق'، ويضيف 'نحن شكلنا لجنة من كل الفصائل المقاومة، وهي التي تقيم الأوضاع، ويتم من خلالها التوافق على كل الاجراءات المتعلقة بالتهدئة. وقد تم تشكيلها مباشرة بعد اطلاق حركة الجهاد الاسلامي لثلاثة صواريخ ردا على استشهاد اثنين من أعضاء الحركة في نابلس'. ويشير الى أن 'حماس كانت الى حد ما متفهمة لردة فعل حركة الجهاد، لقد تفاهمنا مع الجهاد على كل الخطوات'..مبديا اعتقاده في 'أن حركة الجهاد تتحدث من موقع المسؤولية اتجاه الشعب الفلسطيني، واتجاه العلاقة مع حماس'..مؤكدا 'ليس هناك أي نفور في العلاقة مع الجهاد'. ويواصل شارحا أن التصريح الذي نسب للدكتور محمود الزهار عضو القيادة السياسية لحركة حماس في غزة، وتحدث فيه عن الاستعداد لفرض التهدئة بالقوة، تم نفيه من قبل الزهار نفسه، وأضاف 'سياسة الحركة والتزامها هو عكس ذلك تماما. وأي تصريح يخرج عن سياسة الحركة غير مقبول'. أما العناصر الذين قيل أنهم يتبعون كتائب شهداء الأقصى، وقيل أنه تم اعتقالهم، فقال 'هؤلاء ليسوا من كتاب شهداء الأقصى': 'أن أبو قصي ليس ناطقا رسميا باسم كتائب شهداء الأقصى'، مؤكدا أن 'أبو قصي التزم خطيا بالتهدئة، والعمل على انفاذها'. من هو اذا أبو قصي..؟ يوضح أبو مرزوق 'هناك مجموعة تسمي نفسها كتائب شهداء الأقصى، في حين أن حركة 'فتح' تنفي ذلك. وهو يتصرف من خلال مجموعة تضم كذلك أبو عبيدة..ثلاثة اربعة اشخاص. أما فيما يتعلق بكتائب شهداء الأقصى فهناك من يتحدث عن شهداء الأقصى من خارجها. الذين تحدثوا باسم شهداء الأقصى ليسوا منها..هم من خارجها. وهناك في المقابل من يتحدث عن حدوث تزوير وانتحال شخصية وصفة شهداء الأقصى. وهناك من يتحدث عن التزام فتحاوي عام بالتهدئة ولا يجوز خرقها، كما قال الرئيس محمود عباس، وأكثر من مسؤول فتحاوي. وبعض الصحف نقلت عن لسان الرئيس عباس بأنه لا يوجد شئ اسمه كتائب الأقصى في قطاع غزة، وقوله بأنه تم حلها من قبل حركة فتح'. ويخلص أبو مرزوق الى أنه 'على ذلك لا يستطيع أحد القول أن 'فتح' غير ملتزمة بالتهدئة، أو أنها خرجت من التهدئة، أو أنها لا تفي بالتزاماتها اتجاه التهدئة'. تجار ومقاولو أنفاق يخرقون التهدئة ثم يكشف أبو مرزوق حقائق تكاد تكون أغرب من الخيال 'هناك من استأجر من يطلق الصواريخ على المعابر التي تم ادخال الاسمنت من خلالها، بهدف اقفالها. هؤلاء تجار كبار يخزنون كمية كبيرة من الاسمنت، بدأ ينخفض سعره في السوق حينما دخلت كميات اضافية ومسعّرة من الاسمنت..! هؤلاء لا يريدون دخول الاسمنت المسعّر قبل نفاذ الكميات المخزّنة لديهم. وهناك من أطلق الصواريخ من أصحاب الأنفاق، لأن البضائع التي يتم ادخالها عن طريق الأنفاق، معرضة لانخفاض اسعارها ان دخلت بضائع أخرى عن طريق المعابر..! ويؤكد 'يوجد جزء من مطلقي الصواريخ والهاونات ليس له علاقة بالعمل الوطني'.. وينفي أبو مرزوق أن يكون الرئيس عباس يعمل على تخريب التهدئة التهدئة كونها تحقق نتائج عكسية من وجهة نظر مصالحه، وتؤدي الى تثبيت سلطة حماس في قطاع غزة، في حين أن استمرار الحصار يحقق له مكاسب شخصية لأنه يقرب من وجهة نظره موعد اسقاط سلطة حماس..ويقول 'منهج الرئيس محمود عباس في التعامل في الاطار الفلسطيني في الوقت الحاضر هو ضد أي عنف أو أي مقاومة وضد اطلاق أي صواريخ وأي اطلاق للنار على العدو الصهيوني. هذا هو موقفه المبدئي، بغض النظر عن التهدئة، التي تأتي أصلا في اطار رؤيته'..ويبدي اعتقاده في أن عباس ملتزم بالتهدئة، ويلفت الى أن 'هذا مختلف عما اذا كان يتمنى نجاح التهدئة من عدمه، وعلاقة ذلك بنجاح حماس من عدمه في ادارة قطاع غزة'..ويضيف 'هناك كثيرون بلا شك، خاصة أصوات عديدة في 'فتح' تتحدث عن ضرورة افشال التهدئة، حتى لا تنجح حماس في ادارة قطاع غزة. وهذه رؤيا يتحدث بها الكثير من الفتحاويين. لكن بشكل عام، قرار 'فتح' الرسمي هو مع التهدئة'. وماذا عن عدم التزام إسرائيل بالتهدئة، التي تبدو وكأنها تهدئة من جانب واحد، بعكس ما عملت حماس لأجله..؟ يجيب أبو مرزوق 'نحن لا نقول بوجود التزام إسرائيلي كامل بالتهدئة. ما نقوله هو أن اتفاق التهدئة من جزئين احدهما يتعلق بوقف العمليات العسكرية، والآخر يتعلق بفتح المعابر وكسر الحصار..فيما يتعلق بوقف العمليات العسكرية هناك خروقات يتم احصاؤها من قبل الإسرائيليين على الفلسطينيين، وخروقات أخرى يتم احصاؤها من قبل الفلسطينيين على الإسرائيليين. لكنها في الحالتين خروقات محدودة محتملة لا تشكل انهيارا لعملية التهدئة'. 'أما فيما يتعلق بفتح المعابر، فان الواضح هو أن الإسرائيليين فتحوا المعابر، ولكن هناك بطء في تنفيذ التعهدات'. وينفي أبو مرزوق أن يكون هناك اقفال إسرائيلي مستمر للمعابر قائلا 'تم اغلاق المعابر فقط بعيد اطلاق حركة الجهاد الاسلامي لعدد من الصواريخ، رداً على عملية اغتيال الطالبين على مقاعد الدراسة في جامعة النجاح في نابلس، ولم تغلق مرة أخرى، باستثناء ساعات، حين أطلقت قنابل على المعابر ذاتها'. ويلفت الى 'أن المعابر مفتوحة، لكن الإسرائيليين لا يسمحوا بدخول كامل كميات السلع والبضائع التي كانت تدخل في السابق. بل ان كميات البضائع والسلع التي يتم ادخالها هي دون حجم الكميات التي كانت تدخل قبل فرض الحصار'. ويقول 'ما يتم ادخاله من بضائع وسلع حاليا يزيد بنسبة 30 بالمئة عما كان يدخل خلال الحصار، مع ادخال نوعيات جديدة من البضائع والسلع مثل المحروقات'..'لم يتم ادخال كل المواد بعد. وكمثال لم يتم ادخال غير شاحنة حديد واحدة..! ولم يتم ادخال العصائر الا يوم الاربعاء الماضي'. أما عن الاسمنت فيقول 'يتم ادخال فقط مئتي طن اسمنت يوميا من أصل اربعة آلاف طن يحتاجها القطاع كل يوم. ومجموع ما تم ادخاله من الاسمنت هو فقط ألفي طن في حين أن الحاجة اليومية هي اربعة آلاف طن..!'. أما فيما يتعلق بالانتهاكات التي تتعرض لها الضفة الغربية، فيرى أبو مرزوق أن 'هذا يثبت وجهة نظرنا من أنه لا يمكن استقرار التهدئة في القطاع دون الضفة الغربية'.. ويخلص الى أنه 'على ذلك، ستبقى التهدئة قابلة للانتهاء والكسر ما دامت الضفة الغربية غير مشمولة بها.